بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
الصّورة الحقيقيّة للمرأة بلا شكّ ينبغي أن تكون صورةً تعكس قيمة المرأة وعظيم دورها في المجتمع؛ فالمرأة هي الأمّ التي تَقع على عاتقها أنبل مهمّة في الأسرة وهي تربية الأبناء وتنشئتهم على الخلق القويم، وهي المرأة العاملة التي أخذت على عاتقها مسؤوليّة مشاركة الرّجل في معظم مجالات الحياة، وخوض غمار الحياة العامة بكلّ مسؤوليّةٍ واقتدار، وهي المرأة التي تتولّى كثيرًا من المناصب المهمّة في الدّول والحكومات؛وتبرز في ظل هذه الحقيقة، الإشكالية الخاصة بموقف الإعلام من قضية تحرير المرأة أو آلية تعاطي الإعلام مع قضايا المرأة وكيفية تصويرها من خلال واقعها القائم، وهل يقوم بدور إيجابي في دفع قضايا المرأة إلى الأمام أم يكتفي برصد واقعها الراهن بسلبياته وإيجابياته أم يسعى –متعمداً- إلى تكريس أدوارها التقليدية متجاهلاً إنجازات بعض النساء في مجالات التعليم والعمل والإبداع الفكري والفني.رغم أن بعض النساء قد حصلن على مناصب صنع القرار في المؤسسات الإعلامية، فمازال عليهن أن يلعبن دوراً أكثر نشاطاً وحيوية، في تغيير الصورة التي تقدم بها المرأة في الإعلام، وإن هذه الزيادة في عدد النساء في المناصب القيادية لا تعني التحكم في مضمون البرامج، ولذا يمكن القول إن حصول المرأة علي المناصب القيادية في الإعلام لم يعطهن حرية تحديد القيم الاجتماعية السائدة.
لاشك أنه نتيجة لمتغيرات العصر الحاضر ومطالبه المتنوعة، ساعد على خروج المرأة من المنزل وانتقالها للعمل في المؤسسات والشركات ومشاركتها الفعلية في الإنتاج الاقتصادي وعملية البناء في الوطن وأدى ذلك إلى تغير بعض وظائفها في المنزل، وخلق مهمات جديدة مزدوجة، اقتضت التوفيق والموازنة بين دورها في رعاية زوجها وتنشئة الأطفال والمهام الأخرى التي تضطلع بها داخل المنزل، وبين دورها في موقع العمل. ولا
شكّ بأنّ وسائل الإعلام المختلفة قد تناولت صورًا متنوّعة للمرأة منها ما كانت إيجابيّة ركّزت على دور المرأة ومسؤوليّاتها في المجتمع، وصور أخرى سلبيّة أظهرتها بشكلٍ سلبي .فوسائل الإعلام تعرض أحيانًا برامج علميّة مفيدة يكون للمرأة فيها دورٌ أساسي حينما تقدّم المعلومة الصّحيحة المفيدة التي تثري عقليّة المشاهد أو المستمع من خلال البرامج والحوارات وتشارك الرّجل في إعداد وتحرير الأخبار السّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصادية، أو المذيعة الملتزمة التي تعرض المادة الإخباريّة بأسلوبٍ شيّق، وفصاحة لغويّة، أو المراسلة التّلفزيونيّة التي تنقل الحقائق من قلب الحدث دون تزويرٍ أو تلفيق، ونقل معاناة النّاس وتظلّماتهم في أماكن شتّى في العالم وإيصالها إلى المشاهد أو المستمع لتكوين رأي عام اتجاه قضيّةٍ معيّنة.ومشاركة المرأة في السياسة الإعلامية يتجلى في جملة المنظومة الاجتماعية والدينية والتاريخية للأمة العربية وشعوبها، حيث ورغم ما أحرزته المرأة من تقدم ملحوظ خلال السنوات الماضية على مستوى العمل الإعلامي وتمثيل قضايا المرأة في مختلف وسائل الإعلام، إلا أن هناك تيارات اجتماعية ذات ارتباطات قبلية وعشائرية، فضلا عن النظرة التقليدية لبعض النساء، ما زالت ترفض أو غير متقبلة لمبدأ حرية المرأة في تولي المناصب الإعلامية والحرية بالتعبير عن قضاياها من واقعها القائم، كما هو الحال بالقبول بعملها في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية . فلا يمكن أن يكون الحديث عن علاقة الإعلام بموضوع المرأة مجرد حديث عن تقنية التواصل وارتباطها بمسألة إدماج النوع الاجتماعي في التنمية، بقدر ما هو مسألة شائكة تتعلق بمنظور فكري وسياسي تحمله وسائل الإعلام، وتروجه داخل المجتمع انطلاقا من خلفيات ثقافية